هل يجوز للحائض دخول المسجد؟
نعم ولكن عليها أن تتحفظ بشىء للمحافطة علي نظافه المكان :
وهو مذهب ابي محمد بن حزم وبن المنذر فى الاوسط والمزنى صاحب الشافعى ومن المتأخرين العلامة الالبانى رحمهم الله :
برهان ذلك :
الدليل الأول:
أن الاصل الحل والإباحة وبراءة الذمة ولم يرد دليل صحيح صريح فى منع الحائض من المكث فى المسجد فيبقى الأصل .
الدليل الثاني:
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال لقينى رسول الله صلى الله وأنا جنب فأخذ بيدى فمشيت معه حتى قعد فانسللت فأتيت الرحل فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد فقال أين كنت يا أبا هريرة ؟ فقلت له : فقال سبحان الله يا أبا هريرة إن المؤمن لا ينجس ” مسلم 371
وجه الدلالة :
أن المؤمن لاينجس فإذا كان كذلك فالحائض والجنب ونحوهما أجسامهم طاهرة لأنهم من جملة المؤمنين والطاهر لا يمنع من دخول المسجد
الدليل الثالث:
عن عائشة أن وليدة كانت سوداء لحى من العرب فأعتقوها … وفيه قصة … وفى اخر الحديث ” فجأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فقالت عائشة فكان لها خبأة فى المسجد ” البخارى 439
وجه الدلالة من الحديث :
أن هذه إمرأة وإذن لها النبى صلى الله عليه وسلم وكانت لها خيمة فى المسجد بمنزلة السكن لها والنبى صلى الله عليه وسلم لم يأمرها أن وقت حيضتها تعتزل المسجد ولا يخفى على النبى صلى الله عليه وسلم أن المرأة تحيض فهذا يعد إقرار منه .
والقاعدة ” لايجوز تاخير البيان عن وقت الحاجة ”
فإن قيل : إن هذه قضية عين لا عموم لها “
قلنا : يصح قولكم هذا إذا كان هناك دليل صريح فى منع الحائض من المكث فى المسجد فيقال إن هذه قضية عين لا يمكن أن تعارض ما صح فى منع الحائض ؛ أما ما لم يرد دليل يمنعها فهذا الحديث حجة فى جواز مكثها فى المسجد والله الموفق
وقد قرأت لبعض المتأخرين كلاماً على هذا الحديث فهو يورد عليه – الحديث – إحتملات مضحكة حتى يبطل دلالته فيقول :
1- لعلها كانت صغيرة لا تحيض
2- لعلها كانت آيسة من المحيض
3- لعلها كانت تخرج فى وقت الحيض من المسجد .
فهو يريد بعد هذه الاحتمالات أن يقول ” والدليل إذا ورد إليه الاحتمال سقط به الاستدلال “
قلت : سبحان ربى وهل الدين يؤخذ بلعل .
فأقول رداً عليه : فأنا أعارض دعواك بدعوى أخرى :
1- ولعلها ما كانت صغيرة وكانت تحيض
2- ولعلها ما كانت آيسة من المحيض
3- ولعلها ما كانت تخرج : وكيف تخرج والنبى صلى الله عليه وسلم إذن لها أفهكذا يكون التعصب
فإن قلت : وهل عندك دليل على أنها كانت تحيض ؟
قلت : والسؤال عليك وهل عندك دليل على أنها ما كانت تحيض ؟
إذن ليس هناك دليل لا بهذا ولا بهذا فوجب الرجوع إلى الاصل والاصل فى المرأة أنها تحيض فيلزمك أنت الدليل أن تبين أنها ما كانت تحيض .
يمكنك قراءة: عدة المرأة المطلقة الحامل والحائض والمتوفي عنها زوجها
الدليل الرابع :
حديث عائشة لما حاضت فى الحج فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم إفعلى كل ما يفعله الحاج غير ألا تطوفى بالبيت . رواه البخارى
وجه الدلالة
أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما نهاها فقط عن الطواف ولم ينهها عن المكث فى المسجد الحرام ” ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة “
الدليل الخامس :
عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الآواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فإذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبنى لها قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى إنصرف إلى بنائه فأبصر الآبنية فقال : ما هذا ؟ قالوا بناء عائشة وزينب وحفصة فقال صلى الله عليه وسلم البر أردن بهذا ؟ ما أنا بمعتكف فرجع فلما أفطر إعتكف عشراً من شوال ” البخارى 2045
يمكنك قراءة: هل يجوز اخراج زكاة الفطر مال؟
وجه الدلالة من الحديث
أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر إحداهن أنها إن حاضت أن تخرج
” ولا يجوز تاخيرؤ البيان عن وقت الحاجة “
فائدة ” وفى الحديث جواز إعتكاف النساء فى العشر الاواخر شريطة إذن زوجها “
وعموماً فالمرأة يجوز لها المكث والاعتكاف فى المسجد وخروج الحائض من هذا العموم لابد له من الدليل
أدلة المانعين لدخول المرأة الحائض المسجد
دليلهم الأول:
عن أم عطية قالت : أمرنا أن تخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور فيشهدون جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض مصلاهن قالت إمرأة يا رسول إحدانا ليس لها جلباب ؟ قال صلى الله عليه وسلم لتلبسها صاحبتها من جلبابها ”
رواه البخارى 351 ؛ مسلم 890
وجه الدلالة من الحديث :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يعتزلن المصلى فهذا نص فى منع الحائض من دخول المسجد.
الرد على هذا الاستدلال :
الأمر بالاعتزال فى الحديث ليس لمكان المصلى إنما أمرهن بإعتزال الصلاة حال الصلاة ليتسع للنساء الطاهرات من الحيض المكان للصلاة حتى لا يقطعن الصفوف عليهن
برهان قولنا :
أ- أن النبى صلى الله عليه وسلم لو أراد إعتزالهن المصلى لما كان أمر أن يأتين من الاصل فكيف يأمرهن بالمجىء ثم يقول لهن إعتزلن المصلى والنبى صلى الله عليه وسلم منزه عن التناقض حاش لله .
ب- الرواية الثانية للحديث تيبن ذلك جلياً :
عن أم عطية قالت ” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن فى الفطر والاضحى والعواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ….الحديث
رواه البخارى 324 وفى رواية ” أن يكن خلف الناس ” البخارى رقم 971
يمكنك قراءة: علاج مرض الوسواس في الصلاة والوضوء (أسمع في صدري أني أسب الله ورسوله)
ج- أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون فى الفضاء وليس بالمسجد فإذا طلب منهن إعتزال المصلى علم أن المراد الصلاة.
د- ثم نقول لهم :
هل المصلى له حكم المسجد أم لا ؟
إن قلتم نعم صار الدليل حجة لنا لأن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لهن أن يأتين
وإن قلتم لا ؟ فبطلت حجتكم إذن : والله الموفق
دليلهم الثانى :
عن عائشة أنها كانت ترجل النبى صلى الله عليه وسلم وهى حائض وهو معتكف فى المسجد وهى فى حجرتها يناولها رأسه ” مسلم 297
وجه الدلالة من الحديث :
لو كانت الحائض تدخل المسجد لما أحوجت النبى صلى الله عليه وسلم إلى هذا الفعل.
يمكنك قراءة: هل يجوز قراءة القرآن للحائض من المصحف
الرد على هذا الاستدلال :
1- هذا لا يستدل به أصلاً فهو ضعيف جداً لأن الحديث ليس فيه نهى وغاية ما فيه أنه فعل.
2- أن المانع الحقيقى أن النبى صلى الله عليه وسلم يغار على حريمه إذ كيف ترجله فى المسجد والناس داخلون خارجون فهذا لا يرضاه أحداً منا لنفسه فكيف بالنبى صلى الله عليه وسلم فالحديث لا حجة فيه.
الترجيل : هو تصفيف وتسريح الشعر
دليلهم الثالث : قياسهم على الجنب
الرد على ذلك :
1- نحن ما سلمنا لكم أن الجنب لا يمكث لأن أهل الصفة كانوا فى المسجد والاصل فى الرجال أنهم يحتلمون ولم يمنعهم صلى الله عليه وسلم
2- أن قياس الجنب على الحائض قياس مع الفارق فلا يصح الاستدل به
دليلهم الرابع :
عن عائشة قال لى رسول الله ى صلى الله عليه وسلم ناولينى الجمرة من المسجد فقلت إنى حائض فقال ” إن حيضتك ليست فى يدك ” رواه مسلم واصحاب السنن إلا بن ماجه
وجه الدلالة من الحديث :
أن قوله صلى الله عليه وسلم ناولينى لا يوحى بالدخول مما يبين أنها لا تدخل المسجد
الرد على هذا الاستدلال
1- أن الحديث خارج محل النزاع وإنما هو نص فى جواز مباشرة الحائض الاشياء حال حيضتها بقرينة أنها لما امتنعت قال لها مبينا إن حيضتك ليست فى يدك
2- أن قوله صلى الله عليه وسلم ” ناولينى ” فيه إذن لها بالدخول لأنها كلمة عامة تشمل الاعطاء والاخذ باليد
3- أن الحديث ليس فيه نهى عن دخولها المسجد
ثم نقول : هل إمتناع عائشة كان لمباشرة الخمرة بيدها أم كان امتناعها لدخولها المسجد
بالطبع أن اعتراضها كان لمباشرتها الخمرة بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم ” إنى حيضتك ليست فى يدك
وإن قلنا : إن اعتراضها كان لدخولها المسجد
فقد قال لها صلى الله عليه وسلم ” ناولينى ” وإن حيضتك ليست فى يدك ” وكذلك ليست فى قدميك فالحديث ليس صريحاً فى المنع والله الموفق .
يمكنك الإطلاع علي: ما موضوع علم مصطلح الحديث وما ثمرته
دليلهم الثالث :
حديث جسرة بنت دجاجة عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إنى لا أحل المسجد لحائض و لا جنب “
الرد على ذلك:
أن الحديث لو كان صحيحاً لكان فصلاً فى النزاع ولكن الحديث ضعيف رواه أبى داود 232 ؛ والبيهقى 2/422وضعفه الالبانى فى الارواء 139
ففيه : جسرة قال البخارى عنها عندها العجائب وسند الحديث فى بن خليفة وهو مجهول وممدوح الذهلى : غير موثوق وابو الخطاب مجهول أيضاً.