هل يجوز اخراج زكاة الفطر مال

هل يجوز اخراج زكاة الفطر مال؟

ما حكم اخراج زكاة الفطر مال؟

 هَذه مسألةٌ مَوسمية يَكثُر فِيها الجِدال كلما قرب وقت إخراج زكاة الفطر وقد شاعت بين الناس هذه “البدعة” ألا وهى إخراج زكاة الفطر قيمة ولم يفعلها النبي قط ولم يفعلها الصحابة ولا الخلفاء الراشدين وكما أن فعله سنه كذلك تَركُه أيضا سُنَّه نص على تلك القاعدة ابن القيم رحمه الله فى إعلام الموقعين.

وقال ” عليكم بسُنَّتى وسُنة الخُلَفاء الرَّاشِدين المَهْديين من بَعدى عَضوا عليها بالنَّواجِذ وإيَّاكم ومُحدثَات الامور فإنَّ كل مُحدثة بِدعة” سنن الترمذى 2676 , سنن بن ماجه 42 , سنن أبو داود 4607 وصححه الشيخ الالبانى

والبدعة كما قال النووى ” كل شىء خلاف السنه “

وكذا الشاطبى ” هى طريقة فى الدين مخترعة “

فاخراج زكاة الفطر قيمة شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير وجرى عليها عامتهم بل وخاصتهم حتى نسيت السنه ودرست وهى إخراجها حبوب بل ووصل الامر إلى أشد من ذلك صاروا ينكرون على من يخرجها حبوب وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله فى زمان صارت السنه فيه بدعه ,والبدعه سنه ونشكوا الى الله غربتنا بل والادهى من ذلك أنك ترى من هم على الدرب من أصحاب اللحى يشجعون الناس على تلك البدعه وإن سألتهم يقول المسأله فيها خلاف أى خلاف أيها المسكين وهل نسيت قول الله تعالى ) فَإِن تَنٰزَعتُم فى شَيءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسولِ إِن كُنتُم تُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الاخِرِ ذٰلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأويلًا (النساء59)

قال الله: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (الشورى 9)

وقال إنه من يعش منكم بعدى فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ ” سبق تخريجه

فهذه الورقات كتبتها وأرجوا من الله اجرها أبين فيها بالأدلة القاطعة الفاصلة أن زكاة الفطر لا تخرج الا طعام ومن أخرجها قيمة فهى بدعة غير مجزئه ثم أعرج على شبهات المخالفين لنا وأفندها وسوف آتى عليها من القواعد بإذنه سبحانه والله وحده الموفق.

 أدلة اخراج زكاة الفطر طعام أو حبوب

الدليل الاول : 

    قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ( المزمل 20)

يمكنك قراءة: علاج مرض الوسواس في الصلاة والوضوء (أسمع في صدري أني أسب الله ورسوله)

وجه الدلاله من الأية :

1- أن القرأن مجمل والسنه هى المبينه كما قال تعالى )وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( النحل 44

 وقال تعالى )إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَينا بَيانَهُ ( القيامه 17-18)

فتبين أن بيان القرأن وحى بنص هذه الايات الكريمات فالايه تبين أنك تصلى كما رأيته يصلى وكذلك تخرج الزكاة كما أمرك تخرجها وبالكيفيه التى أمرك باخراجها فان العبادات توقيفيه.

فلننظر كيف أمر بها أن تخرج.

يمكنك قراءة: شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

الدليل الثانى :

عن بن عمر ؛ أن رسول الله فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس. صاعا من تمر. أو صاعا من شعير. على كل حر أو عبد. ذكر أو أنثى. من المسلمين” رواه  مسلم 984 واللفظ له- البخارى 1442 – أبى داوود 1611 – الترمذى 676- بن ماجه  826 – النسائى 4815.

رواية البخارى زاد فيها ” وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم ويومين “

وجه الدلاله من الحديث:

1-  قول بن عمر” فرض رسول الله ” بمعنى أمر رسول الله والامر للوجوب فلا خيار لك

   قال تعالى ) وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم ۗ    وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلٰلًا مُبينًا( الاحزاب 36

2- قوله ” صاعا من تمر أو بر أو شعير” علمنا من هذا أن المقصود هو الطعام

3- لو كان المال جائز لكان قالَ أو بمقدار الصاع مالٌ ولكن لم يقل ولو جازت القيمة لما سكت عنها وهنا قاعده عظيمة النفع « أن السكوت فى مقام البيان يفيد الحصر » فلما سكت الرسول عن المال علمنا أن الزكاة محصوره فى الطعام.

4- قال تعالى ” وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ” مريم 64 وذلك لانه اذا كان الله لا ينسى- وتنـزه ربنا عن النسيان وعن كل نقص –  فسكوته سبحانه أو سكوت رسوله المبلغ عنه فى معرض البيان لشىء من أفعال المُكَُّلفين عن شىء آخر يشبهه أو يجانسه لا يكون نسيانا أو ذهولا تعالى الله عن ذلك ولكنه يفيد قصر الحكم على ذلك الشىء المبين حكمه ويكون ما عداه وهو المسكوت عنه مخالفا له فى الحكم فان كان المنصوص عليه بالبيان مأذونا فيه كان المسكوت عنه ممنوعا وهو معنى القاعده ” السكوت فى معرض البيان يفيد الحصر “

5- قال رسول الله ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد “مسلم 1718 وقال أيضا ” من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” مسلم 1718

وأمره هو الطعام وليس المال.

فان قيل لنا : فعليك إذن أن تحصر الزكاة فى الاصناف المذكوره فى الحديث التمر والشعير والبر

قلنا : في رواية أبى سعيد الخدرى قال “كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب ” البخارى 1436

وجه الدلاله : قوله “أو صاعا من طعام ” فكلمة طعام جاءت نكره فى سياق الاثبات تفيدُ أىَّ طعام وهذا يرجع إلى عرف القوم فى الطعام.

إثبات وجود المال على عهد النبي صلي الله عليه وسلم

قال تعالى (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا) آل عمران 75

قال الشاطبى فى الاعتصام ” إنْ سكتَ الشارع عن حكم خاص أو ترك أَمرا من الامور وموجبه المقتضى له قائم وسببه فى زمان الوحى موجود ولم يحدد فيه الشارع أمرا زائدا على ما كان من الدين فهذا القسم باعتبار خصوصه هو البدعه المذمومه شرعا لانه لما كان الموجب لشرعية الحكم موجودا ثم لم يشرع كان صريحا فى أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعه مخالفه لقصد الشارع.

وجه الدلاله:

 من هذه القاعده التى قَعَّدهَا الشاطبى رحمه الله:

أولا : أن الشارع سكت عن المال فى معرض بيان الزكاة

وكان المقتضى وهو المال فى زمان الوحى موجود ويتعاملون به فلما لم يصرح به الشارع فى الزكاة فكان مقصودُ الشارعِ تَركُه, وتركه هو السنه وفعله هو البدعه لانه شرع ما لم يأذن به الله.

ثانيا : قال أبو المعالى  الجوينى رحمه الله المجموع 5/403

« أن الزكاة قربه إلى الله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه الدليل أمر الله ولو قال إنسان لوكيله إشتر ثوبا وعلم الوكيل أن غرضه التجاره ووجد سلعة هى أنفع لموكله لم يكن له مخالفته وإن رآه أنفع ,فما يجب لله تعالى بأمره أولى بالاتباع » .

ثالثا :قال بن قدامه رحمه الله فى المغنى3/65-66

ولنا قول بن عمر فرض رسول الله صدقة الفطر صاعا من تمر أو  صاع من شعير , فإذا عَدل عن ذلك فقد ترك المفروض.

وقال أيضا 3/66 “ولان مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص “

رابعا :قال النووى رحمه الله شرح صحيح مسلم 7/60

ذِكرُه أشْياء قِيمُها مُختَلفه وأوجب فى كل نَوع مِنها صاع فدل على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى القيمه.

خامسا : أن إخراج القيمه مخالف لعمل الصحابه

حيث كانوا يخرجونها طعاما كما قال أبى سعيد الخدرى “كنا نعطيها فى زمان النبى صاعا من طعام.

قال الحافظ بن حجر ” الفتح 3/373

قوله كنا نعطيها فى زمان النبى هذا حكمه الرفع لاضافته إلى زمانه ففيه إشعار باطلاعه على ذلك وتقريره وحكى الحافظ روايه الطحاوى عن عياض وقال فيه ” ولا يخرج غيره ” أى ولا يخرج غير الطعام .

سادسا : حديث ابى هريرة في زكاة الفطر 

” وكلنى رسول الله بحفظ زكاة رمضان فأتانى آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت والله لارفعنك إلى رسول الله  ……” رواه البخارى 3101 ,4723

وجه الدلاله : أن زكاة رمضان ما كانت الا طعاما .

سابعا : سئل أحمد بن حنبل رحمه الله فى صدقة الفطر

فقال ” لا يُعطَى قِيمَتها ” قِيل له أن عُمر بن عبدالعزيز كان يأخذ القيمه

فقال : يَدَعُون قول رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير ” وقد قال الله ” وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ” « ثم قال قومٌ يردون السنن قال فلان قال فلان » المغنى 2/671

ثامنا : كلام ابن تيمية في وجوب زكاة الفطر طعام

 قال شيخ الاسلام فى الفتاوى 25/73  :أوجبها الله طعاما كما أوجب الكفارة طعاما.

متي يتم إخراج زكاة الفطر؟

أخرج البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: فَرَضَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفِطر من رمضان صاعًا من تَمْرٍ..إلى أن قال :وكانوا يُعطُون قبل الفِطر بيوم أو يومين.

ولو أن انسان أخرج زكاة الفطر من أول رمضان وهو لا يعلم فانه لا يأثم ولكن الزكاة باطلة, فالزكاة عبادة لها أول ولها أخر كمثل: الصلاة/ الصيام.. كمثل كثير من الأجكام التكليفية متعبدون بزمانها.
فأول كما بين الصحابة:”وكانوا يُعطُون قبل الفِطر بيوم أو يومين” فهذه بداية خروجها أما قبل ذلك فهذه بدعة.
فنحن عبيد متعبدون بهذه العبادة بأولها وأخرها وكيفيتها, فليس لنا أن نخرج في أيما وقت ,ولا أيما شئ. وان الله سألنا علي ماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه ” ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين”

رأي العلماء في إخراج زكاة الفطر نقدا ؟

سئل العلامة بن باز رحمه الله ما حكم إخراج زكاة الفطر نقودا ؟

أجاب رحمه الله ” لا يخفى على أى مسلم أن أهم أركان دين الاسلام الحنيف شهادة أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ومقتضى شهادة أن لا اله الا الله : ألا يعبد الا الله وحده ومقتضى شهادة محمد رسول الله ألا يعبد سبحانه إلا بما شرع رسول الله وزكاة الفطر عبادة باجماع المسلمين والعبادات الاصل فيها التوقف فلا يجوز لاحد أن يتعبد لله بأى عبادة الا بما أخذ عن المشرع الحكيم الذى قال عنه ربه وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى( النجم 3-4) .

وقال “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” سبق تخريجه

وقد شرع زكاة الفطر بما ثبت عنه فى الاحاديث الصحيحه ” صاعا من طعام ….” الحديث فهذه سنه محمد فى زكاة الفطر ومعلوم أنه فى وقت هذا التشريع وهذا الاخراج كان يوجد بين المسلمين الدينار والدرهم اللذان هما العمله السائده آن ذاك ولم يذكرهما فى زكاة الفطر فلو كان شىء يُجْزِىء فى زكاة الفطر لأبَانه النبى إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجه ولو وقع ذلك لفعله الصحابة وكما سبق أن الاصل فى العبادات التوقف.

ومما ذكرنا يتضح لطالب الحق أن إخراج النقود فى زكاة الفطر لا يجوز,” ولا يجزىء” عمن أخرجه لكونه مخالفا لما ذكر من الادله الشرعيه وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه  فى الدين والثبات عليه والحذر من كل ما يُخَالِف شرعُه إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد. فتاوى الزكاة 76-78

قال العلامه بن عثيمين رحمه الله فتاوى الزكاه 277-278

« نرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقودا بأى حال من الاحوال بل تدفع طعاما والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه أَما المزَكِّى فلا بد أن يدفعها طعام ولا فرق بين أَن يكون من الاصناف التى كانت على عهد رسول الله أو من طعام وجد حديثا فالارز فى وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من البر والعبادات لا يجوز تعدى الشرع فيها بمجرد الاستحسان فاذا كان النبى فرضها طُعمَه للمساكين ولو كانت القيمة معتبره لفرضها من جنس واحد أو ما يعادله قيمة من الاجناس الاخرى ». 

أدلة جواز إخراج زكاة الفطر نقداً- شبهات المخالفين 

الشبهة الاولى :

يستدلون بخبر طاووس عن معاذ رضى الله عنه أنه قال لاهل اليمن أئتونى بعرض ثياب خَمِيصْ أو لَبِيس – أى ملابس – فى الصدقه مكان الشعير والذره أهون عليكم وخير لاصحاب النبى بالمدينه.

وجه الدلاله :

أن معاذ أخذ مكان الصدقه ملابس ..والجواب عليه من وجوه :

قال الالبانى هذا الحديث منقطع بين طاووس ومعاذ.  تمام المنه 379

يمكنك قراءة: الفرق بين الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع

1- أن الاثر ضعيف لا يصح.  رواه البيهقى 4/113

قال بن حجر فى الفتح 3/312 ” طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع “

قال بن حزم فى المحلى 6/312 ” انه مرسل لان طاووسا لم يدرك معاذا ولا وُلِد إلا بعد موت معاذ “

يمكنك قراءة: ماهو الحديث المرسل وحكم الاحتجاج به

قُلتُ : ولو سلمنا بصحته – ولا نُسَلَّم – لَمَا كان لكم فيه حجة للاتى :

* حكى البيهقى أن بعضهم قال فيه من الجزيه بدل الصدقه فان ثبتت هذه اللفظه سقط الاستدلال وقد رجح أنها الجزيه وليست الصدقه . بن قدامه فى المغنى 3/66

* قال وحديث معاذ الذى رووه فى الجزيه بدليل أن النبى أمره بتفريق الصدقه فى فقرائهم ولم يأمره بحملها الى المدينه .

* قال النووى فى المجموع 5/403 ” والجواب عن حديث معاذ ان المراد به اخذ البدل من الجزيه لا عن الزكاة فان النبى أمره أن يأخذ فى الزكاة عن الحب حبا « وعقبه بالجزيه فقال » خذ من كل حَالِم دينار أو عدله مُعَافِر. رواه الخمسه

الحالم هو المحتلم والمراد به أخذ الجزيه ممن لم يُسْلم

معافر حى من همدان اليهم تنسب الثياب المعافريه وهى المقصوده هنا

قُلتُ : فهذه الروايه واضحه أن الذى أخذه كان من الجزيه وليست الصدقه (سامح أبو يحيي)

– قال القاضى عبدالوهاب المالكى فى الفتح 3/312 ” كانوا يُطْلقُون على الجزيه اسم الصدقه “

– قال بن حزم فى المحلى 6/312 ” الدليل على بطلان هذا الخبر ما فيه من قول معاذ ” خير لاهل المدينه ” وحَاشَ لله أن يقول معاذ هذا فيجعل مالم يوجب الله تعالى خيرا مما أوجبه .

قُلتُ : يشير بن حزم الى قول النبى  لمعاذ ” أعْلِمهم أن الله إِفْترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم ترد الى فقرائهم” فهل يَعصِى معاذ أمر النبى  ويأخذها لاهل المدينة حَاشَ لله.

   فهذا يؤكد أن الذى أخذها هى الجزيه – لو سلمنا بصحة الحديث – بل ونقول ولو سلمنا أيضا أنه كان يقصد الصدقه فلا حجة فيها أيضا للاتى:

يمكنك أيضا قراءة: ما موضوع علم مصطلح الحديث وما ثمرته

* لانه سيكون اجتهاد من معاذ وهو مخالف لامر النبى  فى اخراجها طعام

* أنه ليس فى الحديث أنَّ هذا كان على عهد النبى وأقره على ذلك

فالاثر لا حجة فيه البته سنداً ومتناً..

الشبهة الثانية :

حديث ” إِغْنُوهُم عن السؤال فى هذا اليوم ”   

وجه الدلالة من الحديث:

الحديث له ثلاث طرق لا يخلو طريق من رواتهم بالكذب, ضعفه بن حزم فى المحلى 6/121 صاحب نصب الرايه 2/523 وضعفه الالبانى فى الارواء 3/332 وضعفه النووى فى المجموع 6/85 وضعفه بن حجر فى الفتح 3/439 والصنعانى فى سُبل السلام 2/538 وكذلك بن عدى والزيلعى.

والحديث كفى أن فيه القاسم بن عبدالله العمرى المدنى قال الحافظ هو متروك

ورماه الامام أحمد بالكذب فالحديث ساقط كما ترى

ثم : ان الحديث ليس فيه ما يتعلق بالزكاة

ولو كان يشير الى الزكاة فنغنيهم بالطعام الذى أمر به الرسول.

الشبهة الثالثة :

القيمه أنفع للفقير حتى لا يتكدس عنده الطعام فيضطر الى بيعه بثمن بخس

الجواب عنه كالاتى :

على قائل هذا الكلام أن يستغفر الله ويتوب إليه لانه بذلك كأنه يستدرك على الشارع لان الشارع هو الاعلم بما ينفع ويَصلُح لعباده وقال تعالى ” أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ” الملك 14

وقال تعالى ” قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ” البقره 140

وأما كون لعل الطعام يتكدس عنده فيضطر الى بيعه ليس لنا شأن فى ذلك, بل ولعل يحسن التجاره ويصبح تاجرا وينفع الفقراء بعد ذلك وهو المطلوب.

الشبهة الرابعة : الإعتذار لأبي حنيفة في إخراج زكاة الفطر مال

أنه قال به عالم مجتهد ….والجواب عنه

1- إنَّ العَالِم إنَّما يُتبع لاتباعه للسنه ولا يُتَّبع لِذَاته وقال تعالى ) وَاتَّبِعوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ بَغتَةً وَأَنتُم لا تَشعُرونَ (الزمر 55 )

وأَحسَنُ مَا أنزل إِلينا من ربنا يَكونُ على لسان رسوله وهو الطَّعَام

 قَالَ رَسُول الله ” إِذَا حَكَم الحَاكِم فَاجْتَهد ثُم أَصَاب، فَله أجْرَان. وإِذا حَكم فَاجْتَهد، ثم أَخْطَأ، فَلَه أَجْر ” رواه البخارى 6919 , مسلم 1716

فأبي حنيفه إِجْتَهد فَلَه أَجْر واحد رحمه الله.

أنَّ الطَّعام قال به جماهير العلماء ممن هم أَعلم من أبى حنيفه مالك والشافعى وأحمد وغيرُهُم فإن أَبَيْتُم فأبِى حنيفه يقول : عند الدخول فى الصلاه بدل الله أكبر مِنَ الممكن أن تَقُول الله أعظم أو الله الرحيم أو الله الكريم ومَنْ فَعَل ذلك فَصَلاتُه بَاطِلَه قَطْعَاً لان الرسول قال “صَلُُّوا كَما رأَيتُمُونى أُصَلِّى” ولم يَقُل قَطُّ فى حياته غَيرَ  الله أكبر .

عند أبى حنيفه إن صليت بدون قرأن مطلقا فصلاتك صحيحه عنده.

عند أبي حنيفه إن صليت بدون التشهد والتسليم فصلاتك صحيحة عنده .

عند أبي حنيفه الرفع من الركوع سنه فَلَو أَنَّكَ ركعت ثم سجدت بدون أن ترفع رأسك من الركوع فَصَلاتُك صحيحة عنده .

فهذه فى الصلاه وقَطْعًا المُقَلِّدِين له فى المال لا يقولون بذلك مطلقا فإن إِحْتَجَجْتُم بإجتهاده فى المال فَعَلَيكم أن تَأخُذوا باجتهاده فى هذا أيضا وإلا سيكون الهوى المَحْضُ الذى لا يُرضِى الله ولا رسوله.

عند أبي حنيفه يجوز للمرأة أن تَتَزَوج بِدون وَلِىّ وهذا زِنَى عند جماهير العلماء لقوله  ” لانكاح الا بِوِلِى” رواه الترمذى وصححه الالبانى.

ولا يَفهَم أَحد أَنِّى أُنْزِلُ مِنْ قَدْرِ الامَام حَاشَ لله ولكنى أحببت أن أُبَيِّنَ لِمُقَلِّدِيه فِى المال إنما يتبعون الهوى وما يرضى الناس ولا حول ولا قوة الا بالله .

يمكنك قراءة: الناس بين الإتباع والتقليد (ابن حزم رحمه الله)

الشبهة الخامسة :

قالوا إِنَّ الفَقِير يَحتاج للمال أكثر من الطعام فى العيد…..والجواب

 قال تعالى “ياٰأَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا لا تُقَدِّموا بَينَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليمٌ ”  (الحجرات  1) . معنى الأية لا تقولوا قولاً مُخَالِفًا لله ورسوله .

1-لا إِجْتِهاد مع النص ” بمعنى إِن كان هُنَاك نصٌ صَحِيحٌ فى السنه فَخُذْهُ ولا تَشْغَل عَقْلك فيما يُخَالِفُه .

يمكنك قراءة: الفرق بين الحديث الصحيح والضعيف والحسن

2-فَإِن أَبَيْتَ فَأفْعَل ما أمرك الله , بإخراجِ الطَعَام ثُمَّ بَعْدَ ذلك تَصَدَّقْ عَليه أنت من حُرِّ مَالِكْ وقد حُوزْتَ بِالخَيْرَيْن .

فإن قيل : وهل قال أحد قبلك أنها بدعه .

يمكنك قراءة: عدم الجلوس مع أهل البدع 

قلت : أما يكفيك صاحبُ السنه  .

وأختم : أن إخراج زكاة الفطر مال ليس من سنَّةِ النَّبى  ولا من الخلفاء الراشدين ولا عمل الصحابه وإنما هو أمرٌ مُحْدَثٌ بعدهم .

قال رسول الله “من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” سبق تخريجه

قال رسول الله  ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” سبق تخريجه

وأسأَلُ الله أن يرزقنا الاتباع ويُجَنِّبَنَا الابتداع

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *