ما هو تعريف نواقض الوضوء؟
نواقض جمع ناقض والناقض والمفسد والمبطل كلها معاني لشيء واحد، إذًا هي متفقه في الذات مترادفة في الصفات كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ ونقضت أي حلت غزلها، وكذلك نواقض الوضوء هنا يُفسد على العبد صلاته لأنه إذا فسد الوضوء فسدت الصلاة.
ينبغي أن نفهم الأصول في هذا الباب لأن هذا الباب يُبنى عليه أحكام الصلاة التي هي أعظم شيء في الدين بعد الشهادتين، بل لا تصح الشهادتين إلا بها لأن كلا الشهادتين “شهادة لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله” تُنقض بترك هذه الصلاة.
إذًا ففهم هذا الباب فرض عين عليك، لا يصح فيه تقليد أو قراءة مجرد فتوى بل ينبغي عليك أن تفهمه فهمًا مفصلًا. ولذلك في البداية ينبغي أن نفهم القواعد:
قواعد هامة لفهم نواقض الوضوء (لعدم التقليد فيها)
- القاعدة الأولى: أن نواقض الوضوء موقوفة على الدليل، فلا يصح أن تثبت مبطل الوضوء مثلًا بقول شيخ أو بقول مذهب أو على حديث إسناده ضعيف، بل يجب أن يقف الناقض على الدليل وهذا يستلزم منه صحة الدليل، وكذلك صحة الاستدلال. فقول أي عالم لابد أن يكون تابعًا لدليل والدليل ليس تابعًا لعالم، وكذلك أعظم صحابي قوله تابع لدليل.
- القاعدة الثانية: عند احتمال الناقض يُرد إلى الأصل، والأصل هو عدم النقض. فإذا توضأت فالأصل صحة الوضوء، وإذا دخلت في احتمال ضعيف أن شيء ناقض أم لا، فالأصل أن يُعتبر الشخص على وضوء ولا يُنقض إلا بدليل صحيح.
- القاعدة الثالثة: الدليل يُطلب من الناقض لا من المُبقي على الأصل، أما الذي يقول بأنه ليس ناقض لأنه واقف على الأصل أو الدليل.
- القاعدة الرابعة: مبطلات الوضوء لا تثبت بمعقول المعنى وإنما تٌثبت على الدليل الصحيح. فمسائل النواقض لا تثبتها بأمر قياس، فكل شيء يثبت بدليله. البول يخرج من نفس المخرج الذي يخرج منه المني، وهذا يجب فيه الاغتسال وهذا الوضوء، مع أن الذي منه الوضوء نجس والذي منه الاغتسال ليس بنجس. ولذلك، نواقض الوضوء تعبدية ولا نقيس فيها شيء على شيء.
قال عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى عَهْدِهِ يَنتَظِرُونَ الْعِشَاءَ حَتَّى تَخْفِقَ رُؤُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئونَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِي، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ.
ساق ابن حجر هذا الحديث ليبين هل النوم ناقض أم ليس بناقض وما هو النوم الذي ينقض الوضوء. “أصحاب” جمع صاحب، والصاحب في اللغة بخلاف الصاحب في لسان الشريعة، ففي اللغة يُقصد بها من كان ملتزمًا لصاحبه دائمًا، وسُمي بذلك من الصحبة أي الملازمة، فكل من لازمك يسمى صاحبك.