Table of Contents
فإنه معلوم أنه إذا أراد إنسان أن يزرع في أرض زرعة فإنما عليه أن يطهرها أولا من المفاسد فكما ذكرنا في الرسالتين الماضيتين أن هذا العلم هو بمثابة ما سيوضع في هذه الأرض والأرض التي نعنيها هي أرض القلب فإن العلم يتشكل بما يدخل على القلب.
أقسام الفقر
الفقر قسمان بخلاف الفقر الذي نعلمه كما في قوله تعالى “إنما الصدقات للفقراء” ولكن لا نتكلم في هذا الباب.
فقر كوني
الفقر: هو الحاجة
فكلٌ محتاجٌ فقير لذلك قال الله -عز وجل- ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ” فهذا يُسمى فقر كوني فكل الناس فقراء إلى الله كافر أو مسلم, دابة في السماء أو في الارض فكل فقير ويحتاج إلى غني.
قال ابن تيمية: والفقر لي لازم ذاتي كما أن الغنى لازم ذاتي.
والفقر لازم لي: أي أنني أحتاج في كل ثانية إلى الغني فإذا لم تفهم هذا الباب واستغنيت بنفسك فيدخل العجب وهذا شرك لذلك الحسن البصري يقول: “من طلب العلم لله كسره العلم” فطالب العلم كلما ازدادت معرفته بالله كلما ازداد فقرًا وذلاً
يمكنك الإطلاع علي: مراتب العلم لابن القيم رحمه الله
فقر شرعي إختياري
وهذا لا بد فيه من معرفتين ولا تصل إليه إلا إذا عرفت أمرين
الأول: أن تعرف ربك
فإذا علمت ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله (باب إعتقاد) فستزداد فقرا إليه فالذي يُعجب ويُرأي الناس جاهل ما طلب العلم وما عرف ربه.
الثاني: أن تعرف نفسك
أن ترجع إلى نفسك وتعرف نفسك بأنك ذليل وفقير وضعيف. فالإنسان يعلم كل هذه الأشياء ويعرفها حينما يُصاب بفقر كوني (مرض مثلا)
مداخل إبليس على قلب العبد
قال ابن القيم رحمه الله ولما علم عدو الله (إبليس) أن المدار على القلب(شُغله كله على القلب) نصب له من المصائب ما إن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق(الإعاقة)
فإبليس إن لم يستطع أن يُوقعك في الزنا فيُشغلك به.
قال ابن القيم -رحمه الله- ولماذا يعود العبد من التوبة إلى الذنب؟
قال لأن التوبة لم تكن نصوحًا ولا يزال بها نوع تعلُق.
فقال ابن القيم -رحمه الله- إنما الطريق إلى الله لا يتم إلا بقطع العلائق وقفز العوائق “فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ “
فلماذا يسلك طلب العلم ويشتد في الأول ثم يرجع تاني؟ فما هي العلة؟ هناك نوع تعلق لم يُقطع بعد. ليه بطل يكلم البنت الفلانية ثم بعد كده يرجع تاني؟ في نوع تعلق. وهذه قاعدة عامة لماذا يعود العبد من التوبة إلى الذنب فإنه لا يعود إلا لنوع تعلق بها (الموضوع لم يقطعه كله، ليه؟ في خيط, خيطين ما اتقطعوش لسة)
فما دور إبليس؟ أنه لا يدخل عليك من الجهة التي تكرهها وإنما يدخل عليك من الجهة التي تحبها فإذا إستطاع أن يجُرك إلى ما تحب من المال في الربا أو الرشوة أو النساء في الزنا فإذا لم يستطع أن يُوقع بك في المخالفة فإنما يريد أن يعوقك شيئًا ما بالوسوسة والخطرات
ما هو علاج مرض الوسواس سواء كان في الصلاة أو في الوضوء أو في التوحيد؟
قال ابن القيم رحمه الله: وإنما الخطرات بمثابة البذرالذي يُلقى في الأرض فالإسترسال فيها يكبر ويزيد في البذرة (فكأنك تُسقيها ماء) فإذا صارت زرعة فالخطرة تصيرعزمًا حتى تصير شجرة لا تستطيع أن تخلعها من جذورها.
ما هو الوكت والمجل
في حديث حذيفة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- نزلت الأمانة (الإيمان) في جذر قلوب الرجال (الجذر: هو أصل الشيء وسماه جذر كأنه أرض تُزرع) فعلموا من الكتاب وعلموا من السنة (تعلم السنة فصار من طلاب العلم) ثم ينام الرجل النومة (النومة: الغفلة, يغفل عن طلب العلم ويغفل عن القرآن ويغفر عن النوافل…) فتقبض الأمانة من قلبه فتصير أثرها مثل الوكت ثم ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه (الأمانة: هي العلم) فيصير أثرها مثل المجل كجمرٍ دحرجته على حجرك فتراه منتفضًا وليس فيه من شيء
يمكنك قراءة: شرح حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه
الوكت: اللون الباهت زي ما تشتري قميص ومع الوقت تلاقي لونه بيبهت وبيتغير; تلاقيه طالب علم لكن باهت, شكله شكل شيخ لكن قلبه باهت. مش زي الأول كان فيه لون لا دلوقتي بهت.
كجمر دحرجته على رجلك: لو في حتة فحمه وقعت على رجل واحد وتدحرجت من هنا لهنا من الفخذ الركبة هتسيب في هذه القفزة أثر والأثر ده هيفأفأ وهيملي مية.
فتراه منتفضا وليس فيه من شيء: هي كبيرة مفأفأة ولكن هي في الآخر شوية هوا, شوية ميه هتجيب حتة إبرة هتخرمها, هتلاقي كل الفقفه دي بقت فاضية. يبقى بلحية ولابس قميص وفاكر نفسه كبير ولكن قلبه مفيش! فاضي ! أيما شبهة ترد عليه يأخذها وأيما شهوة ترد عليه يأخذها فتقبض الأمانة من قلبه فالأمانة تقبض من قلبه لأن الله غني.
يمكنك الإطلاع علي: مانع الشهوة والمال من الهداية والإيمان
وقال -صلى الله عليه وسلم- “ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ”
قال ابن القيم -رحمه الله- وكان الإهتمام بتصحيحه وتسديده والنظر في أمراضه وعلاجها أهم عليه السالكون فلا نجاة من مصائده ومكايده إلا بدوام الاستعانة والتحقيق بذل العبودية.
فكل الذي مضى لا تستطيع أن تنهى نفسك عنه لأن نفسك تحبه إلا بدوام الإستعانة بالله فدائمًا الدعاء لله -سبحانه وتعالى-فإن لم يُعنك فلن تُعان وإن لم يُردك له فأنت لست بمُراد فأنت فقير فأنت الذي تحتاج له فلكي تسلك طلب العلم فتحتاج إلى دوام الاستعانة (الاستعانة طلب العون من الله) فلذلك كثير من الناس إلى الآن لا يأتي أو يتأخر
“ولا يزال قوم يتأخرون عن الصلاة حتى يؤخرهم الله”
الروايه عند الامام احمد بسند صحيح ولا يزال قوم يتأخرون إلى الصلاة حتى يؤخرهم الله في النار(هيفضل يتأخر يتأخر يتأخر حتى يترك الطاعة مطلقا)
لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ بن جبل يا معاذ إني أحبك فلا تدع دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (فإنه إن لم يُعنك وتكفلت أنت بنفسك فإنه يتركك)
لذلك دائما طلب العلم مخالف للنفس, النفس لا تحب طلب العلم, النفس لا تحب أن تترك البيت وقعدت الصحاب وتأتي مجلس العلم, فالنفس لا تُحب ذلك إلا بدواخل الإستعانة بالله -عز وجل- والإستمرار على ذلك ثم تتغير طبيعة النفس حتى يُصبح هذا المجلس قرة عينك.
موسى -عليه السلام- قال ” رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي”
واحلل عقده من لساني: بعض المفسرين يقولون إلا إنه كان به عيب في لسانه فما كان يستطيع أن يتكلم (هذا خطأ ولا يصح إسناده)
فالشاهد أنه كان كان يدعو الله -عز وجل- أن ييسر له الأمور وأن يجري الحق على قلبه ولسانه, تستعين بالله -عز وجل- وأكثر من الإستغفار فإن الإستغفار يُطهر القلب من الفساد.
عند أبي داوود وابن ماجه يقول الصحابي للنبي -صلى الله عليه وسلم-يا رسول الله قد كثرت علي الشرائع فأمرني بشيء اتشبث به قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله
وأفضل الذكر القرآن فاجعل دائما القرآن على لسانك واجعل لك يوميًا ورد في القرآن وهذا يكون مقام ذل العبودية بالاستعانة وبقدر العبودية تكون الإعانة والكفاية والانتفاع
“أليس الله بكاف عبده”
يقول ابن القيم: بقدر العبودية يكون قدر الكفاية
“إن الله يُدافع عن الذين آمنوا”
بقدر الإيمان وزيادة الإيمان تكون المدافعة فالامر كله راجع إلى أمر الإيمان
ثلاث أصول
واحد أكل لحم فاسد وجاله تسمم فالدكتور بيقول له على ثلاث أصول
الأول: تُخرج ما في بطنك.
الثاني: تُواظب على الأدوية والأكل والشرب
الثالث: لازم تبعد عن أكلات معينة (متاكلش مِسبك, متاكلش كذا أو كذا) لأن معدتك مجروحة فلازم تاكل أنواع طعام معينة وحاجات خفيفه وفترة والموضوع هينتهي.
ثالثا: فالقلب محتاج إلى ما يحفظ عليه قوته وهو الإيمان وأوراد الطاعات , وإلى حمية عن المؤذي الضار وذلك باجتناب الأثام والمعاصي وأنواع المخالفات , وإلى استفراغه من كل مادة فاسدة تعرض له وذلك بالتوبة النصوح واستغفار غافر الخطيئات.
أوراد الطاعات: أذكار الصباح والمساء, النوافل القبلية والبعدية, القرآن ومجالس العلم والطاعات عمومًا. هذه تحفظ قوة القلب والإيمان
حمية: أي حماية مما يضرك (لا تأكل كذا ولا تأكل كذا ولو كلت واحد واثنين هيحصل لك كذا وكذا) وذلك باجتناب الآثام والمعاصي وأنواع المخالفات
كيف يتم إجتناب الأثام والمعاصي؟ لا يتم اجتناب الاثام والمعاصي إلا بخوف العاقبة
انت ليه بعدت عن الأكل المعين ده مع إنك نفسك فيه جدا؟ لأن الذي يُصبرك انك لو أكلت هتأذي نفسك فخفت من الضرر لأن في ضرر هيقع عليك فخوفك من الضرر هو الذي دفعك عن البعد عما يؤذيك فكذلك الخوف من العقوبة في الدنيا قبل الاخرة. الخوف من أمر المعصية ومن عاقبة المعصية فتضعها نُصب عينيك.
الركن الاول: فتحتاج الى طعام لكي تقوى (الأوراد والطاعات)
الركن الثاني: تحتاج إلى حمية والبعد عما يضرك ويؤذيك (وذلك باجتناب الآثام والمعاصي)
الركن الثالث: تحتاج إلى إخراج ما أكلته (توبة) والتوبة النصوح
ما هي التوبة النصوح؟ هو الرجوع عما كنت عليه بحيث أن لا يبقى شيء من العلاقة (ميكونش في خيط واحد, حياتك كلها إتبدلت خلاص بحيث إنك لا ترجع مرة أخرى)
ولا أحد يستطيع أن يمضي على هذه الأصول إلا بأصلين دوام الإستعانة والوقوف على ذل العبودية
من هنا تفهم كلمه الحسن البصري من طلب العلم لله كسره العلم
خامسا: ولهذا يفسر المرض الذي يعرض له تارة بالشك والريب كما قال مجاهد وقتادة في قوله تعالى في قلوبهم مرض [ البقره : 10 ] أي شك , وتارة بشهوة الزنا كما فسر به قوله تعالى : فيطمع الذي في قلبه مرض, فالأول مرض الشبهة والثاني مرض الشهوة
فأيما طالب علم فإن إبليس يمضي خلفه على هذا الأصلين مرض الشبهة ومرض الشهوة فطالب العلم يعلم جيدا الأصول والراجح والمرجوح ويعلم المسألة جيدا فلا يستطيع أن يدخل له من هذا الباب الذي هو باب الشبهة فيدخل له من باب أخر ألا وهو باب الشهوة فيُفسد عليه دينه من هذا الباب ورجل آخر لو عُرضت عليه أجمل نساء العالمين يعرض عنها ولا يستطيع أن ينظر إليها ولكنه في باب العبودية مبتدع وإن أردت أن تعرف ذلك فانظر إلى الجهم بن صفوان والجهم بن صفوان هو إمام الجهمية ولماذا صبر على الذبح مع أنه كان قادرا على النفاق!! فكان قائم على ذلك ومُخلص فيه لأنه كان يظُن أن هذا دين.
علاج مرض الشبهة هو العلم وعلاج مرض الشهوة العبودية والخوف (إنك إن فعلت كذا هناك عقوبة فتخاف وترجع)
عدم الجلوس مع أهل البدع
سادسا: ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح من يسير الحر والبرد والحركة ونحو ذلك , فكذلك القلب إذا كان فيه مرض أذاه أدنى شيء من الشبهة أو الشهوة حيث لا يقوى على دفعهما إذا وردا عليه , والقلب الصحيح القوي يطرقه أضعاف ذلك وهو يدفعه بقوته وصحته.
ابن القيم في كتاب شفاء العليل (بيُكلم الناس اللي عندها شبهات كثير)
واحد يسألك مثلا يا شيخنا الشبهه الفلانية ردها ايه؟ قعد مع أشعري وعنده شوية شبهات يجي يا شيخنا الشبهات ديه أرد عليها ازاي؟ قعد مع نصراني؟ قعد مع معتزلي؟
لا تُعرض نفسك لشبهة لأن القلب ما زال ضعيف فلا تدفع الشبهة إلا العلم فيجب أن يوجد العلم أولا فإذا لم يوجد العلم فقط تستقر الشبهة
ابن القيم في أول أمره كان عنده شبهات كثيرة فذهب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وقال دخلت عليه يومًا وكان يصلي الصبح ثم يجلس ويقول الأذكار إلى أن يقوم قائم الشمس فجعلت أعرض عليه شيئا من الشبهات كلما إنتهيت من شيء أجابني إلى أخرى وأغلبها أشياء في القدر فحينما إنتهى قال له ابن تيمية لا تجعل قلبك كالإسفنجة واجعل قلبك كالزجاجة إذا ألقيت في اليم ترى ما في خارجها ولا يدخل ما في خارجها بداخلها
يمكنك أيضا قراءة: ابن القيم مع القسيس في مصر
الإسفنجة لما تحطها في اي مكان هتشرب المياه !! لكن الغواصة لو نزلت في أعماق المحيط فمن بداخل الغواصه يرون كل شيء ولكن مفيش نقطه ميه تدخل جوه علشان هي محصنة (بتجعل قلبك الزجاجه بالعلم فعندما تمر الشبهة على العلم فيحلل الشبهة ويعرف مرادها ويجيب عليها.
قال ابن القيم رحمه الله والقلب لا يكون زجاجة إلا إذا كان محصنا بأصول العلم أولاً (أصول الفقه وأصول الحديث)
لذلك السؤال والفتوى لبيان مسألة خاصة ولكن ليس السؤال يؤدي إلى أصول العلم فالفتوى للبيان.
يمكنك قراءة: كيفية تحصيل العلم؟
لذلك تلاقي ناس كثير بتجيب كتاب فتاوى للشيخ الفلاني فلن تخرج من هذا الكتاب إلا مقلداً لأنك لا تعرف من أين أخذ هذا العالم الإستدلال لكن حينما يكون عندك أصول العلم فترد الفتوى إلى الأصول فتعرف متى تقبل ومتى ترد فإن قبلتها قبلتها بأصول العلم وإن رددتها رددتها بأصول.
الأصل وعارض الأصل
سابعا: الجهل مرض وبُرئه قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في الذين أفتوا بالجهل فهلك المستفتي بفتواهم قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال فجعل الجهل مرضا وشفاءه سؤال أهل العلم.
تسجيل الحديث
فهما افتوا بأصول وكانوا واقفين على الأصل ولكن عدم علمهم بعوارض الأصل أدى بهم إلى قتل هذا الرجل وسمى هذا النبي صلى الله عليه وسلم جهل
وقت كورونا حينما أغلقوا المساجد بعض الشيوخ قالت لا تجوز صلاة الجمعة خارج المسجد لحديث أبي هريرة “من لم يصلي الجمعة في المسجد فلا صلاة له”
فالكلام صحيح والحكم صحيح والحديث صحيح ولكن هذا حكم الأصل أنه لا يجوز صلاة الجمعة إلا في المسجد ولكن هنا نتكلم عن الأصل وإنما نتكلم عن العارض. المساجد أغلقت فهذا يُسمى عارض زي مثلا إنك قمت بالنهار فوجدت أغلب المساجد قد هُدمت بزلزال فهل لا نصلي هنا الجمعه؟؟
كثرة مجالسة الناس
ثامنا: وقوله : أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم [ المائدة : 41 ] عقيب قوله : سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه [ المائده : 41 ] مما يدل على أن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفا للحق عن مواضعه فإنه إذا قبل الباطل أحبه ورضيه فإذا جاء الحق بخلافه رده وكذبه إن قدر على ذلك وإلا حرفه.
قال ابن القيم رحمه الله “كلام الناس دُخان القلب”
لو قعدت كثير مع ناس أغنياء(البضاعة ب 2 مليون وانا اشتريت العربية ب 3 مليون, لا خلينا في البيت أبو 7 مليون) سماعك كثير لمثل هذا الكلام دخان في القلب يتشكل به القلب إذا استمر معه وستكون شغوفا إلى أن تكون مثلهم وأنت متقدرش فتضطر إلى أن تعمل الحرام لكي تكون مثلهم. وإن جلست معهم فستحتقر ما أنت فيه من المعيشة (فريح دماغك وابعد) والعكس بالعكس مجالس العلم قال الله وقال رسوله وقال ابن تيمية وقال ابن القيم فلن تكون متعتك وراحة قلبك إلا في مثل هذا السماع
سماعون للكذب سماعون لقوم
قال النبي صلي الله عليه وسلم تجد الذلة(المسكنة والطيبة) في أهل الغنم وتجد الكبر في أهل الفدادين(الفدادين كلمة عامة تشمل الناس بتوع الجمال) ليست قاعدة عامة فلكل قاعدة شواذ
الفرق بين التوفيق والخذلان
قال ابن القيم رحمه الله لماذا يرد أهل الباطل الحق حينما يُعرض عليهم؟ قال لانهم لا يعرفون إلا غيره والإنسان إذا لم يعرف شيء فإنه عدو ما يجهله فتجده إذا لم يعرف ما يضاده من الكلام ستجده إما يحرفه أو يرده والإنسان أعز ما عليه أن يرجع من باطل إلى حق, لماذا؟ لأن في قلبه الكبر.
“أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم”
الإرادة هنا هي إرادة كونية لأن الله يحب طهارة القلب من العبد “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” فهنا أرادها منهم أن يُطهر قلوبهم شرعا ولم يريدها منهم كونا؟ لأن الله علم أن هذا المحل لا يستحق الهداية لأنهم لا يريدون كما تكلمنا “ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم” فإذا علم الله من العبد خيرا فإن الله يضع التوفيق موضعه وإذا علم من قلبه بأنه لا يريد فيضع الخذلان موضعه إنه عليم حكيم.
إنسان يسمع طلب العلم والدليل فيستجيب وانسان اخر لا يستجيب؟ المسألة مردُها إلى علم الله بقلب العبد فإذا علم الله من قلب العبد بأنه لا يبالي بشيء فإن الله عليم حكيم فيضع الحكمة في موضعها, فإن الخذلان موضع القلب ده والتوفيق موضع القلب ده
شرح قوله تعالي “إنما المشركون نجس”
عاشرا: ونجاسة الشرك عينية ولهذا جعل سبحانه الشرك نجسا بفتح الجيم ولم يقل إنما المشركون نجس بالكسر فإن النَجس عين النجاسة والنجِس بالكسر هو المتنجس فالثوب إذا أصابه بول أو خمر نجِس والبول والخمر نجَس ..
هناك فرق بين النَجس ونجِس؟
النجَس أصلا والنجِس عارض
البول نجَس لأنه هو في أصله نجس والعذرة اعزك الله نجَس
رجعه إلى أصله, لكن لو أن البول أصاب ثوبا ما فصار الثوب نجِس لأنه يُزال بأيما ماء أو شيء لذلك يقول ابن القيم رحمه الله والمعصية في ذاتها نجَس فإذا إنتقلت إلى العبد وفعلها فصارت نجِسه لأنه إذا إنتهى الأمر قلبه إتغسل وإنتهت المسألة لذلك قال الله تعالى “إنما المشركون نجس” لأن الإعتقاد نفسه نجَس
ابن حزم جعل النجاسة نجاسة عينية للعبد فلو صافحت واحد مشرك تغسل يديك من النجاسة ولكن النجاسة معنوية في الإعتقاد.