دلالة الاقتران

ما هي دلالة الاقتران وفهم أهل العلم لها؟

فرض عين على كل مسلم أن يتعلم نواقض الوضوء لأن الوضوء وسيلة إلى الصلاة والوسائل لها أحكام المقاصد، كما أن المقصد وهو الصلاة تعلمة واجب، كذلك هذه الوسائل تعلمها واجب، فيحرم عدم تعلمها مع الاستطاعة.

كلام الشافعي في نقض النوم للوضوء

في الجزء الأول تناولنا حكم نقض النوم للوضوء، عندما رد الشافعية على حديث صفوان بن عسال في مسألة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرن بين البول والغائط والنوم إذًا البول أقل شيء ينقض الوضوء كذلك الغائط وكذلك النوم، فقالوا “إذًا” وهذه عند علماء الأصول تُسمى بدلالة الاقتران أنه قرن بين شيء وشيء واقتران الألفاظ يستلزم اقتران الأحكام.

قال الشافعية لا يستلزم أنه إذا اقتُرن شيء بشيء أن يشتركا في حكم واحد واستدلوا بقولة تعالى: ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ هذا لا يعني أنه واجب عليك أن تأكل من ثمارك، وإنما الواجب أن تأتي حقه يوم حصادة وقول الجمهور بأنها الزكاة، “وَلَا تُسْرِفُوا” الإسراف محرم أي واجب تركه، فهنا واجب ترك الإسراف وواجب اخراج الزكاة مع مُباح ألا وهو الأكل.

كلام الزركشي حكم نقض النوم للوضوء (وهو شافعي المذهب)

الزركشي وهو شافعي المذهب أفضل من تكلم في هذه المسألة في “البحر المحيط” وهذه لا يستلزم أن يشترك شيئان في حكم واحد لأنهما اقترنا ببعضهما، فكذلك اجتمع النوم مع البول والغائط إذًا هو ناقض أما النوم لا يُشترط، لأن الشافعي عنده النوم ناقض للوضوء مظنة للحدث.

هل يصح إستدلال القرضاوي علي جواز الغناء؟

القرضاوي حينما استدل على جواز الغناء احتج عليه أهل العلم بحديث المعازف، حديث أبو مالك الأشعري “لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ” فقال لهم أن هنا دلالة الاقتران ضعيفة وذكر نفس الآية ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ أنه لا يستلزم جمع شيء مع شيء أن يأخذا نفس الحكم، من يقول مثل هذا الكلام إما أن يكون عالم بالمسألة لكنه نافق وإما أنه جاهل بالمسألة، وأغلب الكتب الحديثة لن تجد بها هذه المسألة، وإنما تجدها في كتب الأصول القديمة أو في كتب مثل “نيل الأوطار” للشوكاني أو كتاب “المُغني” لابن قدامة. 

ما هي أقسام دلالة الاقتران؟

أهل العلم وخاصة علماء الأصول عندما يتكلمون في دلالة الاقتران يقولون أنها قسمان:

· جُمل مع جُمل.

· أفراد مع أفراد.

وأحيانًا يأتي جُمل مع أفراد، الجُمل مع الجُمل لا يستلزم بأن يأخذا حكمًا واحد، أما إذا جاءت فرد مع فرد فإنما بإجماع علماء الأصول يأخذا نفس الحكم وإن اختلفت درجة الحرمة، فمثلًا في الحديث “لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ” أي الزنا وحرمة الزنا ليست كحرمة المعازف، إذًا هنا التحريم يتفاوت، وهذه المسألة لها أصل عقدي عند الأشاعرة وبين أهل السنة لذلك كتب أصول الفقه عندما يصنفها الأشاعرة المحرم عندهم لا يتفاوت، لا يتفاوت هي مسألة مردها إلى أصل عقدي في كلام الله بأن كلام الله واحد لا يتفاضل ولا يتفاوت، وهذا ليس بصحيح فكلام الله واحد لا يتفاضل لأن كله من عند الله ولكنه يتفاوت فقول الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ليست كقوله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ هذا عبد كافر يُبَين مصيره وهذه في صفات العلي الكبير.

وقد تأتي دلالة الاقتران جُمل مع أفراد لا يستلزم أن يأخذا حكمًا واحدًا كمثل “غُسل الجمعة واجب على كل مُحتلم، والسواك وأن يمس طيبا” فالسواك ليس بواجب لكن غُسل الجمعة اختلف فيه أهل العلم على ثلاثة أقوال، وحديث صفوان كان أفراد مع أفراد، ألفاظ واحدة مفرده تجمع بين لفظ أيضًا مفرد.

مسائل هامة

اقرأ أيضا: التقليد والاتباع (محمد بن حزم) 

اقرأ أيضا: ما حكم الحديث المعلق في صحيح البخاري؟

اقرأ أيضا: كيف كان طلب العلم قديما؟ طلب العلم بين الماضي والحاضر ..!!

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *