الحديث الصحيح عند علماء الفقه وعلماء الحديث
الحديث الصحيح: ما اتصل سنده بنقل عدل ضابط ( ثلاثة شروط للإثبات ) من غير شذوذ ولا علة ( شرطي النفي لا يوجدا عند علماء الفقه وإنما يشترطهما علماء الحديث)
الحديث الصحيح عند الفقهاء: ما اتصل سنده بنقل عدل ضابط ( لو فيه شذوذ أو عله لا بأس)
هل هذه المسألة مهمة ؟
في المغني لابن قدامه تجده يصحح أحاديث ويبني عليها أحكام فنأتي أنا وأنت لنتناقش في مسألة فتقول لي أصل ابن قدامه ذكرالحديث وقال صحيح ولكن أنت لا تفهم أصل ابن قدامه وهذا الباب باب حديث فتذهب لأهله فلا تغتر بحكم يبنى على حديث عند الفقهاء إلا أن ترجع إلى علماء الحديث.
هل كتب التاريخ يؤخذ منها حكم أو إعتقاد؟
كتب أصول التاريخ لا يؤخذ منها اعتقاد ولا حكم ولا حديث إلا إذا كان مؤيدا لحديث في الصحيح. كثير من الناس تقرأ كتب التاريخ كأنها صحيح البخاري; كتب التاريخ لا يشترط أصحابها صحة ما فيها, إنما هي كتب أخبار.
الإمام الطبري في تاريخ الأمم والملوك يقول: “ومن قرأ في كتابي هذا رأيا مستنشعا أو كلاما مستشنعا فلا يرده إلى كاتبة وإنما العهدة على قائله “
معنى ذلك ألا تأخذ من هذا الكلام أنه صحيحا فليس من شروط كتب التواريخ صحة ما فيها مثال رجل يحتج بأن يجوز إغلاق المساجد في كورونا والدليل أن ابن كثير في البداية والنهاية أنه وقع داء ووباء كبير حتى فرغت المساجد من الناس ( مع أنه لم يقل حتى أغلقت المساجد وإنما قال فرغت المساجد )
فالسؤال هنا: هل هو سياق خبر أم سياق احتجاجي؟
الجواب: سياق خبر, “فلا يستلزم من سياق الخبر الاحتجاج” هذا خبر ممكن يخبر عن أشياء مستشنعه لكن لا يستلزم بأنه يقر هذا وتأخذ منها حكم.
مثال أخر قال صلى الله عليه وسلم – في صحيح مسلم سيأتي على الناس زمان يمر الرجل فيه على قبر صاحبه يقول يا ليتني كنت مكانك ( يا ريتني يا أخي زيك, أنت مستريح ده أنت في راحة انا قرفان وتعبان ) فهذا تمني للموت مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال “لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه في نفسه أو في أهله”
طيب ازاي بقي هل هنا في تعارض؟ لا ليس هناك تعارض وإنما النبي – صلى الله عليه وسلم – ساق هذا سياق خبر لبيان دلالة شده الفتن في الزمن هذا بأن لمجرد شده الفتن الرجل قد يدعي على نفسه بالموت لكن لا تأخذ منها بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقر بأن الرجل يدعو على نفسه بالموت فإذا القاعدة ” لا يستلزم من سياق الأخبار الإقرار”
مثال أخر: قال رسول الله صل الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى تخرج المرأة من حضرموت إلى بيت الله لا تخاف إلا الله والذئب على غنمه” فهذا دليل على أن أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها لوحدها منفردة تحج بيت الله ولا يشترط أن يكون معها محرم ! ! ! هذا سياق إخبار يبين النبي – صلى الله عليه وسلم – أن هذا الزمان سيأتي على الناس فيه شدة أمان ( بدليل أن في الحديث نفسه والذئب على غنمه يعني واحد معاه غنم والذئب ماشي معاهم مثل الكلب يمشي مع الغنم; لا ده كمان ده الذئب هيكون حارس عليهم) فهذه دلالة على شدة الأمن في هذا الوقت لكن لا تأخذ منها حكم بأن المرأة تخرج دون محرم.
المحاضرة الرابعة:ماهو الحديث المرسل وحكم الاحتجاج به
الشرط الاول: إتصال السند
لا بد أن تنفي نواقضه، صحة الحديث لا تثبت إلا بعد إثبات شروط وانتفاء موانع فاتصال السند فيه موانع فيجب انتفاء الموانع حتى تثبت الحديث يكون خاليا من أي مانع وتقول بأن النبي قاله
موانع اتصال السند:
الإرسال / الإنقطاع / الإعضال / التعليق
تعريف الحديث المُرسل لغةً واصطلاحًا
الإرسال مانع لصحة اتصال السند.
الإرسال لغة: بمعنى الإلقاء ( جالس أمام رزق وعمرو فبرمي القلم إلى عمرو فتخطى القلم رزق ففي حد في الطريق عديته)
الإرسال( شرعا واصطلاحا): هو أن يقول التابعي قال رسول الله.
التعريف الأدق: أن يقول التابعي الكبير قال رسول الله، والتابعي هو من رأى الصحابة.
التابعي قسمان: تابعي كبير (من رأى كبار الصحابة مثل سعيد بن المسيب ومسروق صاحب عبد الله بن مسعود) وتابعي صغير (من رأى صغار الصحابة)
في مراسيل أبي داوود من حديث سعيد بن المسيب قال رسول الله إن النبي -صلى الله عليه وسلم” صلى في ركعتين بالزلزلة يعيدها في الركعة الأولى والثانية ”
فسعيد بن المسيب لم يري النبي -صلى الله عليه وسلم- والسند ليس فيه اتصال فهناك شخص بين سعيد بن المسيب والنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الرجل مجهول (الشافعي له شروط في المرسل سنتكلم فيها إن شاء الله)
حكم معاملة الربا بين المسلم والمشرك
عند الأحناف يقولون بالجواز لحديث النبي صلي الله عليه وسلم “لا ربا بين مسلم ومشرك”
حكم معاملة الربا مع المشرك؟ للحديث هنا يجوز وسئل المفتي على جمعه حينما كان مفتي الجمهورية وقال: يجوز وهي من رواية مكحول ولو قلت له هذا حديث مرسل فيقول لك واحتج به فلان وفلان وفلان ولكن اولا أنت عندك أصول تبين بأن معاملة الربا حرام والكلام جاء علي العموم لم يخصص فيها بين مسلم ولا مشرك.
فالحديث ليس مرسل لأن مكحول من صغار التابعين ولما أحد من صغار التابعين يقول قال رسول الله فبينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- اثنين; مجهولين, تابعي كبير وصحابي. فهنا ليس حديثا مرسلا بل هو حديثا معضلا (والاعضال هو المنع الشديد قال تعالى “فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن “)
وقال بعض أهل العلم ممن يحتجون بالمراسيل: لو كان سعيد بن المسيب يحدث عن غير ذي ثقه لا يصح لأن سعيد بن المسيب ينزه عن ذلك فأكيد سمعه من صحابي !!
الرد: الجمهور قال ولو كان حدث عن صحابي فما المانع أن يذكر الصحابي فهذا شرف.
الشافعي : قال بقبول أحاديث سعيد بن المسيب ولكن بشروط مثل حديث نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – بيع اللحم بالحيوان ( هذا حديث مرسل )
ربا الفضل في الستة أصناف “الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح” فهل يجوز غير الستة أصناف أن تتعامل معهم ؟
الشافعي يقول في جميع الأطعمة لا يجوز مثلا كيلو طماطم ب 2 كيلوات طماطم هل ينفع ؟ عند الشافعي لا, لماذا بنى هذه المسألة ؟ لحديث سعيد بن المسيب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهي عن بيع اللحم بالحيوان
مثلا الرجل عنده خروف مريض ورجل آخر قال له الخروف كده ممكن تذبحه هيرمي تقريبا 5 أو 6 كيلو لحمه وهو أصلا تعبان وبقيته عضم فأنا هديك من عندي 6 أو 7 كيلو لحمه واديني الخروف ده. فقال الشافعي على هذا يقاس كل شيء فهنا جاءت هذه المسألة إذا اتفقت الأجناس مع بعضها البعض لا يجوز بيع عجله بعجلتين, أرض بأرضين, بيت ببيتين.
اقرأ أيضا : طرق تحمل الحديث وأداؤه
شروط قبول الأحاديث المرسلة عند الإمام الشافعي
الشافعي : قال بقبول الأحاديث المرسلة ولكن بشروط:
الشرط الأول: أن يكون من سعيد بن المسيب لأنه رأى عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة
الشرط الثاني: أن يوافقه فتوى صحابي
الشرط الثالث: أن يكون ألا يكون هناك ضعف أكثر من ذلك في الإسناد.
والصحيح أن هذه الشروط ملغاة لا تصح وإنما إذا قال سعيد ابن المسيب أو مسروق أو غيره قال رسول الله لا تصح لأن هنا مانع لإتصال السند لأن هنا في راوي مجهول ولو كان صحابيا لذكره فهنا جهالة وهذا إتهام فلا يصح رفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم
أقوال أهل الحديث في الإحتجاج بالمرسل
ابن حزم وأبو حاتم الرازي وعلي بن المديني وأئمة الحديثة عموما يرفضون الأحاديث المرسلة.
ابن حزم عن سعيد بن المسيب : فانظر إلى أئمة الحديث يتركون حديثا لرجل بينه وبين النبي – صلى الله عليه وسلم – بضع سنين وانظر إلى النصارى يحتجون بكتاب بينه وبين قائله 360 سنة ( متى – مرقس – لوقا – يوحنا, دول أصلا مش أصحابه دول أناس جاءوا بعده بقرون وأضافوا هذا الكلام إلى الله )
الفرق بين الإعضال والإرسال
فالإعضال ضعف والإرسال ضعف ولكن الإعضال ضعف شديد والإرسال ضعف خفيف.
ابن أبي عائشه حينما يقول إن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأيضا عبد الرحمن بن أبي ليلة وهو من صغار التابعين فيقول أيضا ” كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال سبحانك فبلي ” هذا حديث معضل لأن ابن أبي عائشة وعبد الرحمن بن ليلى هما من صغار التابعين.